وتبعًا لتمكن إسبانيا منْ دحر فرنسا، عن صدارة زبناء المغرب، فإنَّ الملف الاقتصادِي كان حاضرا ضمنَ أجندة الزيارة الأولى للملك فيليبي السادس إلى المغرب، سيما أنَّ إسبانيا بدأت شأنها شأن باقي بلدان منطقة اليورُو، في التعافِي من الأزمة الاقتصاديَّة التي رفعت البطالة إلى معدلاتٍ قياسيَّة، علاوةً على تيميم كثير من الإسبان شطر المغرب للبحث عن العمل أوْ استثمار أموالهم.
التباحثُ الاقتصادِي، سيتواصلُ بعد زيارة الملك فيليبي السادس الأخيرة إلى المغرب، ليعاد طرحه في سبتمبر المقبل، ضمن أجندة اللجنة العليا المشتركة، حسب ما جرى الإعلان عنه، في أعقاب زيارة لوزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ماريا مارغالو، إلى المغرب التقى فيها، وزير الخارجيَّة والتعاون المغربي، صلاح الدين مزوار.
بلغة الأرقام، وصلتْ صادرات إسبانيا إلى المغرب سنة 2013 ما يربُو على 5.508 مليار أورو، محققة بذلك ارتفاعا ناهز الـ 4 في المائة قياسًا بعامِ 2012. ليظلَّ المغرب بذلك الوجهة الأولى على صعيد إفريقيا والعالم العربي، للصادرات الإسبانية، مع عمل أزيد من 20 ألف مقاولة على تصدير منتجاتها إلى المملكة.
مطامحُ إسبانيا إلى الدفع بعلاقتها مع المغرب، والتركيز على الجانب الاقتصادي، في الوقت الذِي لا يزالُ وضع مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين لسيطرتها، في ثلاجة الجمود، يبدو معها أن إسبانيا صارتْ تركز على الجانب الاقتصادي في علاقتها بالمملكة، لتنأى بنفسها عن توتر قد يضيع فرصها الاستثمارية التي يتيحها المغرب على مختلف الأصعدة، حتَّى أنَّ 52 في المائة من الاستثمارات الإسبانية في إفريقيا تؤول إلى المغرب.
انتعاش الاستثمارات الإسبانية بالمملكة، يأتي في وقت يرتفع عدد المهاجرين الإسبان بالمغرب، حسب تقديرات منظمات إسبانية، إلى أنَّ يناهز 5 آلاف إسباني يعيشُون في المملكة بصورة غير نظاميَّة، أغلبهم يختارُون الاستقرار في طنجة بحكمِ عوامل جغرافيَّة وثقافية وتاريخية.
الأزمة في إسبانيا، لمْ تطل الإسبان فحسب، حيث إنَّ المعهد الوطني الإسباني للإحصاء، كان قدْ أفاد مؤخرًا أنَّ ما يزيدُ عنْ 45 مهاجر ألف مغربِي تركُوا البلاد، في ظرف عام واحد. فبعدمَا كانَ عددهم يفوقُ 759 ألفًا، العام المنصرم، تراجع إلى 714 ألف مهاجر مغربي أحصتهم إسبانيا، مع بداية العام الحالي، وهو ما يظهر أنَّ جالية المغرب في الجارة الشمالية تراجعت بـحواليْ 6 في المائة في ظرف عامٍ واحد.
الملف الأمنِي صارَ بدورهِ ذا ثقل، في مباحثات المغرب وإسبانيا، حسب ما أعلن عنه مارغالو رفقة مزوار، مؤخرًا، بعد إفضاء التنسيق بين البلدين في مكافحة الإرهاب، إلى تفكيك أكثر من خلية، كانت تعمل على تجنيد مقاتلين مغاربة لبعثهم إلى سوريا، والعراق الذي يعيشُ على وقع اضطرابات غير مسبوقة، على إثر إعلان "داعش" دولة إسلاميَّة، على رأسها أبو بكر البغدادي.
تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط يغذِي مخاوف المغرب وإسبانيا من عودة المقاتلين إليهام بعد اكتساب تجربة ميدانية في ساحة الحارب، مع فرضية إقدامهم على عمليات إرهابية، أوْ انبراء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامِي إلى محاكاة النموذج "الداعشي"، مع ورود أنباء عن تنسيق بين جهاديي المنطقة المغاربية لتسمية أميرٍ لهم إسوةً بالبغدادِي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق